لمحة عامة عن تازة
تُعتبر مدينةُ تازة من المُدُن المَغربيّة القديمة جدّاً، بل من أقدم المدن على مستوى العالم، تقع على بعد مئة كيلومترٍ شرق مدينة فاس، كما أنّها من أهمّ المراكز في الجهة الشّرقيّة من المغرب؛ نظرًا لأهميّة موقعها الجغرافيّ؛ حيث كانت عاصمة وأهم نقطة تحوُّل من حُكم لآخر ومن دولة لدولة، فمن المُستحيل السّيطرة على شرق الدّولة المغربيّة دون السّيطرة على مدينة تازة، كما كانت لها أدوارٌ مُهمّة في تاريخ الدّولة المغربيّة من النّاحية العلمية، والجهاد ضدّ المُستعمر. يبلغ عدد
سكّانها قرابة 139,686 نسمة حسب تقديرات العام 2004م.
نبذة تاريخية عن المدينة عَرفت المنطقة استقراراً بشريّاً فيها منذ القِدَم، والدّليل على ذلك اكتشاف العديد من المُخلّفات البشريّة فيها؛ كالأواني الفَخّارية، والنُّقوش والرُّسومات في مغاراتها، والعديد من الأدوات الحديديّة والحجريّة، وفي عصرٍ من العُصور القديمة أنشأت قبيلة مكناسة الزّناتية ما يُسمّى بمكناسة تازة، وأقامت فيها قلعة، أما في العصر المُوحّديّ فقد أسّس عبد المؤمن بن عليّ سورها، وبَنى فيها المسجد الجامع الأعظم، وذلك خلال سنة 542 للهجرة، وأصبحت المدينة
كرباط فسميّت باسم رباط تازة. دخل إلى المدينة المرينيّون سنة 614 للهجرة، واتّخذوا منها عاصمةً مؤقّتة؛ كونها تتمتّع بموقع مُحصّن، أمّا في العصر الوطاسيّ فكانت المدينة عبارةً عن مدينة تحتوي على ثلاث مدارس وعدد من الأسواق والحمّامات، وبعد الاضطرابات التي حدثت في المدينة خلال نهايات العصر المرينيّ استرجعت المدينةُ بعضاً من أهمّيتها العسكريّة؛ فتمّت إضافة بعض التّحصينات إليها في الجهة الجنوبيّة الشّرقيّة منها على غرار برج البستيون الذي تم
تشييدُه خلال عهد أحمد المنصور الذّهبيّ. في العصر العلويّ كان السُّلطان مولاي رشيد أوّل من اهتمّ بالمدينة خلال سنة 1075هجري، فاتّخذ منها قاعدةً للسّيطرة على مدينة فاس والتّحكُّم بها، كما أنّه أحدث فيها بعض التّغييرات؛ حيث حوّل دار المخزن والمشور من جانب المسجد الجامع الأعظم إلى مُحاذاة البستيون الشهير باتجاه الجنوب الشّرقي للمدينة، ثُمّ جدّد المَسجد الجامع الأعظم. أصبحت المدينةُ في أوائل القرن العشرين مقسومةً إلى حيَّين: الأول شمالاً محيطٌ بالجامع الكبير، وأُطلِق عليه اسم موالين الجامع ، والحيُّ الآخر بالجهة الجنوبيّة، وأُطلِق عليه اسم الفوقيّين كونه مرتفعاً. جغرافيّة ومناخ مدينة تازة تتواجد المدينة عبر الممرّ الواصل ما بين المغرب الغربيّ بالمغرب الشّرقيّ، ويُعتَبر مَوقعها نقطةَ تحوُّل ما بين حوض إيناون الخصب غرباً، والممتّد باتجاه الحوض السُّفلّي من سهل سايس، وبين حوض ملوية شبه الجافّ شرقاً، كما أنّها تُعتبر كمنطقةِ وصلٍ ما بين مُقدّمة الرّيف الشّماليّ والأطلس المُتوسّط الشرق جنوبيّ، كما يبلغ ارتفاع المدينة عن مستوى سطح البحر قرابة 585 متراً، أمّا الهدف الأساسيُّ لإنشائها منذ القدم كان لأغراضٍ عسكريّةٍ أمنيّة لحمايّة المنطقة الشرقيّة، كما أنّها مدينةٌ جبليّةٌ يتميّز مُناخها
بالبرودة في فصل الشّتاء والحرارة في فصل الصّيف.