هناك شـبه اتـفـاق بـيـن الـمؤرخـيـن والأركــيولوجيين حول أن مدينة وليلي كانت هي العاصمة السياسية للمملكة الموريتانية. وهـكـذا يـؤكـد المؤرخ كـاركـوبـيـنـو أن ولـيـلـي لـم تـؤسـس مـن طرف الرومان، بل كانت قبل ذلك مقرا لحكم الملوك المغاربة. كما أن دوزانج يسير في المنحى نفسه مستدلا على ذلك بوثائق تاريخية قديمة
بحلول سنة 44 ميلادية، نمت مدينة وليلي بشكل كبير تحت حكم الرومان، وشهدت ازدهارًا وثراء، بفضل أراضيها الخصبة التي تنتج الحبوب وزيت الزيتون وامتلائها بالحيوانات البرية، ما جعلها مركز جذب لكثير من الناس، حتى أصبح يقطنها 20 ألف نسمة مع بداية القرن الثاني الميلادي.
فغدت مدينة وليلي المركز الإداري للمقاطعة الرومانية موريتانيا تينجيتانا، لكن في فترة 40-44 ميلادية، واجهت روما تمردًا في المدينة قاده أحد بطريمي بطليموس، يدعى أيدمون. بعد هذه الواقعة منح الإمبراطور الروماني سكانها صفة المواطنة وأعفى أهلها من الضرائب لمدة عشر سنوات، وأجرى عدة إصلاحات في الحكم داخلها، إذ أنشئت مركز بلديات ومجالس منتخبة وتم تعيين قضاةف
ومع ذلك، فقد ظلت مدينة وليلي مهددة بشكل مستمر بالفناء، نظرًا لأنها كانت تتموقع في الخاصرة الجنوبية للمقاطعة الرومانية الموريتانية، التي كانت تواجه هجمات متتالية من طرف القبائل البربرية المعادية، فتم إحاطة مدينة وليلي بحلقة من خمسة حصون لتعزيز دفاعاتها. لكن بحلول سنة 280 ميلادية، عرفت المقاطعة سلسلة من الانقلابات والحروب الأهلية، أضعفت السلطة في وليلي لينتهي الحكم الروماني في المنطقة للأبد، وتقع تحت سيطرة القبائل البربرية، ورغم ذلك بقيت تستوطنها جماعة مسيحية لاتينية
وبوصول العرب إلى المنطقة سنة 708، قطنتها قبيلة من ليبيا تدعى "عرابة"، صارت مدينة وليلي منطقة مهمة لدى الحكم الإسلامي، حتى أنها أصبحت مقرًا لإدريس بن عبد الله، مؤسس سلالة الأدارسة التي تعتبر أول دولة في المغرب، وقد تم العثور على القطع النقدية الإسلامية التي يرجع تاريخها إلى القرن الثامن على الموقع، مما يدل على وصول الإسلام في هذا الجزء من المغرب. غير أنه في القرن الحادي عشر ميلادي تم التخلي عن المدينة، ونقل مقر السلطة إلى فاس، كما تم نقل الكثير من سكانها المحليين إلى بلدة مولاي إدريس زيرهون الجديدة، التي تبعد حوالي 5 كلم عن وليلي
ويظهر من خلال الدراسات الأثرية التي تناولت بقايا مدينة وليلي، أن وليلي تمثل نسخة مصغرة للحضارة الرومانية في ذلك الوقت، إذ كانت تضم منازل فخمة على الطريقة الرومانية، ومرافق عمومية من حمامات ودكاكين ومخابز ومعاصر زيت الزيتون وكذا مطاحن الحبوب، وأيضًا سلسلة قنوات للصرف الصحي وأخرى لإمداد المنازل والحمامات العامة بالمياه، بالإضافة إلى سواقي المياه الفلاحية والأسوار الدفاعية ومعابد دينية، وحتى مساحات لسباق العربات الرومانية