بالمدن والقبائل في التاريخ والحضارة

08‏/04‏/2019

وليلي . مدينة هرقل


هناك شـبه اتـفـاق بـيـن الـمؤرخـيـن والأركــيولوجيين حول أن مدينة وليلي كانت هي العاصمة السياسية للمملكة الموريتانية. وهـكـذا يـؤكـد المؤرخ كـاركـوبـيـنـو أن ولـيـلـي لـم تـؤسـس مـن طرف الرومان، بل كانت قبل ذلك مقرا لحكم الملوك المغاربة. كما أن دوزانج يسير في المنحى نفسه مستدلا على ذلك بوثائق تاريخية قديمة

بحلول سنة 44 ميلادية، نمت مدينة وليلي بشكل كبير تحت حكم الرومان، وشهدت ازدهارًا وثراء، بفضل أراضيها الخصبة التي تنتج الحبوب وزيت الزيتون وامتلائها بالحيوانات البرية، ما جعلها مركز جذب لكثير من الناس، حتى أصبح يقطنها 20 ألف نسمة مع بداية القرن الثاني الميلادي.

فغدت مدينة وليلي المركز الإداري للمقاطعة الرومانية موريتانيا تينجيتانا، لكن في فترة 40-44 ميلادية، واجهت روما تمردًا في المدينة قاده أحد بطريمي بطليموس، يدعى أيدمون. بعد هذه الواقعة منح الإمبراطور الروماني سكانها صفة المواطنة وأعفى أهلها من الضرائب لمدة عشر سنوات، وأجرى عدة إصلاحات في الحكم داخلها، إذ أنشئت مركز بلديات ومجالس منتخبة وتم تعيين قضاةف
ومع ذلك، فقد ظلت مدينة وليلي مهددة بشكل مستمر بالفناء، نظرًا لأنها كانت تتموقع في الخاصرة الجنوبية للمقاطعة الرومانية الموريتانية، التي كانت تواجه هجمات متتالية من طرف القبائل البربرية المعادية، فتم إحاطة مدينة وليلي بحلقة من خمسة حصون لتعزيز دفاعاتها. لكن بحلول سنة 280 ميلادية، عرفت المقاطعة سلسلة من الانقلابات والحروب الأهلية، أضعفت السلطة في وليلي لينتهي الحكم الروماني في المنطقة للأبد، وتقع تحت سيطرة القبائل البربرية، ورغم ذلك بقيت تستوطنها جماعة مسيحية لاتينية


وبوصول العرب إلى المنطقة سنة 708، قطنتها قبيلة من ليبيا تدعى "عرابة"، صارت مدينة وليلي منطقة مهمة لدى الحكم الإسلامي، حتى أنها أصبحت مقرًا لإدريس بن عبد الله، مؤسس سلالة الأدارسة التي تعتبر أول دولة في المغرب، وقد تم العثور على القطع النقدية الإسلامية التي يرجع تاريخها إلى القرن الثامن على الموقع، مما يدل على وصول الإسلام في هذا الجزء من المغرب. غير أنه في القرن الحادي عشر ميلادي تم التخلي عن المدينة، ونقل مقر السلطة إلى فاس، كما تم نقل الكثير من سكانها المحليين إلى بلدة مولاي إدريس زيرهون الجديدة، التي تبعد حوالي 5 كلم عن وليلي
ويظهر من خلال الدراسات الأثرية التي تناولت بقايا مدينة وليلي، أن وليلي تمثل نسخة مصغرة للحضارة الرومانية في ذلك الوقت، إذ كانت تضم منازل فخمة على الطريقة الرومانية، ومرافق عمومية من حمامات ودكاكين ومخابز ومعاصر زيت الزيتون وكذا مطاحن الحبوب، وأيضًا سلسلة قنوات للصرف الصحي وأخرى لإمداد المنازل والحمامات العامة بالمياه، بالإضافة إلى سواقي المياه الفلاحية والأسوار الدفاعية ومعابد دينية، وحتى مساحات لسباق العربات الرومانية


07‏/04‏/2019

مدينة تمودة الاترية

                        الموقع الاثري تمودة
في حين ظل تاريخ المغرب القديم مجهولا تماما بالنسبة للبحوث العربية المختصة، سواء تعلق الأمر بعاصمتي وليلي وطينجي، أو بمراكزه العمرانية الأخرى قبل العصر الروماني وبعده، وقد تساءل المؤرخون عن ماذا توحي للمغربي اليوم أسماء مثل: روسادير، تموسيدا، بنازا، توكولوسيدا، وغيرها كثير، شأنها شأن مدينة “تمودة”، هذه الأخيرة التي حاول العديد من الأركيولوجيين والأثريين الكشف عن خباياها العديدة، نظرا لأهميتها خلال العصر البونيقي الموريطاني، ونظرا لندرة النصوص المكتوبة عنها، لذلك وجب الاعتماد أساسا على المكتشفات الأثرية، خاصة وأنها تعتبر من أهم المواقع الأثرية المهمة  ،قبل الفتح الإسلامي ، في المغرب إلى جانب المواقع الأثرية السالفة الذكر
كما أن المؤرخين الأجانب أجمعوا على أهمية هذه المدينة خلال العصر البونيقي الموريطاني، وإن لم يصلنا منها إلا ذلك الركام من الأحجار، وتلك الأطلال الشاهدة على مدينة ، أسست قبل تطوان بما ينيف عن 16 قرنا

                     تمود بعد إكتشافها
ة

ويكتسي موقع تمودة الأثري أهمية خاصة، نظرا لكونه يمثل نموذجين فريدين من نوعهما في المغرب بالنسبة للحقبتين الواقعتين قبل وبعد الاحتلال الروماني، حيث أثبتت التنقيبات الأثرية التي قام بها الأركيولوجيون الإسبان في موضع تمودة وجود آثار مدينتين متعاقبتين الواحدة فوق الأخرى.

الأولى والأقدم هي تمودة البونيقية الموريطانية التي أسست حوالي 200 ق.م، وهدمت خلال النصف الأول من القرن الأول قبل الميلاد ثم أعيد بنائها بعد ذلك إلى أن خربت ثانية سنة 40 م.  والثانية، تمودة الثانية وهي عبارة عن حصن روماني شيد وسط المدينة المهدمة

ومما ساعد المؤرخين والأثريين في الكشف عن خبايا مدينة تمودة هو أن سكان المدينتين خلفوا أثارا متباينة مكنتهم من تتبع مراحل تاريخهم منذ تأسيس المدينة حوالي 200 ق.م إلى غاية انقراضها خلال الربع الأول من القرن 7 م . لذا أصبح استئناف أعمال التنقيب حسب الباحث و المؤرخ مصطفى غطيس أمرا حيويا بالنسبة لهذا الموضع الذي قد ينطوي على آثار جديدة من شأنها تصحيح بعض المعلومات وتدقيق البعض الآخر، وكذا تفسير بعض الأحداث التي لازالت تشكل لغزا للمختصين كتهديم تمودة الأولى، كما ستمكن التنقيبات اللاحقة دون شك من تتميم مجموعات الآثار المختلفة سواء تعلق الأمر بالنقود وأو بالخزفيات والقناديل  والتماثيل التي ثم اكتشافها سابقا.

ورغم أن الموقع كان قد طاله النسيان إلا أن جهود الباحثين والأركيولوجيين لم تذهب سدى، فقد تم في 10 أكتوبر سنة  2011 افتتاح الموقع الأثري تمودة بتطوان، في وجه الزوار المغاربة والأجانب والباحثين والمهتمين

حيث أكد ، وزير الثقافة السابق، أن الرهان الآن بعد افتتاح تمودة، هو تحويله إلى موقع ثقافي سياحي للتعريف بالمنطقة، وبالتالي جعل الثقافة قطاعا منتجا يخلق مناصب شغل.

وقد بلغت تكلفة إنجاز المشروع حوالي أربعة ملاين و800 ألف درهم، واشتملت الأشغال على ترميم وتقوية البنيات الأثرية، وبناء محافظة الموقع وسكن للمحافظ ومختبر لدراسة اللقى الأثرية وترميمها وشباك للتذاكر، كما تمت تهيئة مدار الزيارة.

لذا لابد لنا من إعادة قراءة الحفريات لماض عريق يتصل بتاريخ المغرب عموما، و بالإقليم التي توجد فيه المدينة خصوصا، هذا الإقليم الغني الذي على البحث العلمي التاريخي أن ينهض بإزاحة الستار عن ماضيه العريق.

فتمودة تظل ذاكرة محفورة في الأحجار وطبقات الأرض إلى أن يتأتى لها من يستنطقها ويعيد صوتها إلى التاريخ



قبائل ايتسغروشن نظرة عامة

             قبائل ايتسغروشن قـــــــــــبيلة آيــــــــت سغـــــــــــروشـن أو آيــــــــت صغـــــــــــروشـن  عبارة سغروشن التي تنط...