تارودانت
(الأمازيغية : ⵜⴰⵔⵓⴷⴰⵏⵜ) هي من أعرق المدن المغربيةبمنطقة سوس، تنتمي لإقليم تارودانت وتؤوي 69.489 نسمة (إحصاء 2004). أسستها الأميرة الأمازيغية تارودانت في القرن الثالث قبل الميلاد[محل شك]، وبذلك يرجع تاريخها إلى العهود القديمة (الفترة الفينيقية) حيث اشتهرت مركز حضر وتجارة. ستكتسي تارودانت أهمية بالغة خلال الفترتين المرابطية والموحدية، حيث اعتمدت قاعدة عسكرية لمراقبة منطقة سوس وضمان استقرار الطرق التجارية الصحراوية
تدهورت أحوال المدينة خلال الفترة المرينية حيث عمها الخراب لتصبح مركزا ثانويا. مع مطلع القرن السادس عشر ستسترد تارودانت إشعاعها الاقتصادي وأهميتها الإستراتيجية مع ظهور السعديين. وقد كان لمحمد الشيخ دور هام في هذه النهضة حيث شيد بها مجموعة من المعالم التي حددت طابعها العمراني؛ هكذا رمم ودعم الأسوار وبني القصبة والجامع الأعظم والمدرسة. كما شهدت ضواحي المدينة بناء معامل السكر المشهورة، كل هذا جعل من تارودانت قطبا اقتصاديا وحضاريا كبيرا. بضعف دولة السعديين أضحت المدينة مجالا لنزاعات محلية حتى قيام الدولة العلوية إذ دخلها المولى الرشيد سنة 1669 – 1670. عقب وفاة المولى إسماعيل سادت المدينة إضرابات حتى بيعة سيدي محمد بن عبد الله كانت خلاها كل منطقة سوس خارجة عن السلطة المركزية. وقد كان لحركات المولايالحسن الأول دور بارز في بسط سلطة الدولة على هذه المنطقة ومن ضمنها مدينة تارودانت
لقد انتقل عدد سكان مدينة تارودانت من 57136 نسمة تقريبا سنة 1994 إلى 69489 نسمة سنة 2004. ويشكل السكان داخل اسوار المدينة أزير من 50% من سكان تارودانت يعتبر اكثر المتوجدين حاليا بالمدينة، سكانا غير اصليين حيت ان اغلبهم قادمون من الدواوير المجاورة لمدينة تارودانت بحثا عن عمل او لتقريب أسرهم من البنيات التحتية الصحية والتعليمية نظراً لانعدامها في الوسط القروي، فيما يعتبر اغلبية سكان المدينة من اصحاب الدخل المحدود او الضعيف نظراً لاشتغال اغلبيتهم من مهن موسمية كالفلاحة او المصانع، ويبدو ذالك واضحاً للزائر الذي يزور تارودانت حيث يرى ان اغلبية سكان المدينة يرتدون ملابس متواضعة ويقودون دراجات هوائية عادية
سور المدينة
يبلغ طول سور مدينة تارودانت 7,5 كلم. وقد بني على شاكلة الأسوار المغربية الأندلسية الوسيطية. فهو عبارة عن جدار من الطابية يدعمه 130 برجا مستطيلا و9 حصون تتخلل السور خمسة أبواب أصلية هي باب القصبة وباب الزركان وباب تارغونت وباب أولاد بونونة وباب الخميس. كما تتخل السور أبواب أخرى جديدة تم فتحها لتسهيل حركة المرور وهي باب أكفاي، باب تافلاكت، باب البلاليع، باب السلسلة، باب الحجر، باب بنيارة. وكحماية لهذا الثراث المعماري التاريخي فقد تم إعادة الاعتبار لسور المدينة وذلك من خلال عدة ترميمات للسور. إن التفكير في تسوير مدينة تارودانت قديم جدا، حيث أنه يعود إلى عهد المرابطين، فقد وردت في ترجمة أبي محمد صالح بن واندالوس (سيدي وسيدي) المتوفى عام 592 هجرية إشارة إلى وجود “سورة” تحيط بالمدينة يرجع أنها كانت في سياسة التطويق العسكري التي نهجها المرابطون مع قبائل الأطلس الكبير والصغير، إلا أن المؤكد تاريخيا هو أن الأسوار الحالية تعود إلى صدر القرن العاشر الهجري، السادس عشر الميلادي (10هـ 16م) حيث اتخذت تارودانت منطلقا للدولة السعدية ولجيوشها المجاهدة ضد محتلي السواحل المغربية من إسبان وبرتغال. فقد قام السلطان محمد الشيخ السعدي بتجديد المدينة وتوسيع عمرانها وأحاطها بالسور القائم حاليا سنة 935هـ والذي يتخذ شكل مخمس يبلغ طوله (7.250م) تقريبا وعرضه بين (1.50م) وأربعة أمتار، خاصة عند الأبراج في حين يبلغ ارتفاعه (10) عشرة أمتار في بعض الجهات، تتخلله شرفات وأبراج مربعة بارزة على هيئة قلاع صغيرة مقدمة بينما تمتد القصبة السلطانية على مساحة تقدر ب : (50.000م2)
وتوجد بالمنطقة الشمالية الشرقية للمدينة، وقد أدى انعدام الحجارة بالمنطقة إلى استعمال كمية كبيرة من الجير وخلطه بالتراب المدكوك المستعمل عادة في بنايات المنطقة، ونظرا لان محمد الشيخ لم يكن ليأمن من قبائل الأعراب المحيطة بالمحمدية (تارودانت حاليا)، فقد استعمل كميات كبيرة من الحصى في تدعيم أساس أسوارها، ويخبرنا التمانارتي أنه: “في سنة تسع وثلاثين وألف حاصر بغاة من العرب والبرابر مدينة تارودانت … وحضروا لها أسرابا تحت أسوارها فوجدوا قاعدة أساسه الحصى لا تنال منه الفؤوس شيئا لوثاقته فقنطوا. وقد كان هذا السور بحق مؤسسة عسكرية تبرز الدقة والقوة في التقدير والمنطق الحربي السليم. ومنذ ذلك التاريخ يعد سور المدينة الحالي معلمة تاريخية وحضارية، ومظهرا من مظاهر عظمة المغرب السعدي. وعبر عن ذلك أحد القواد الفرنسيين في وصفه للسور بكونه يشبه في لونه لون الأسد
الدور العسكري : ويتجلى في حماية المدينة من كل هجوم مفاجئ، مراقبة زوارها مراقبة دقيقة يمكن منها تعدد الأبواب داخل بناية الباب الواحد (باب القصبة، باب الزركان، باب تارغونت، باب السلسلة… بابين لكل منها)، وبينما تشكل الرحبات (الساحات) المتواجدة بينهما مجالا لتحرك الجيش، وتفتيش الزوار الغرباء، وساحة لمواجهة بعض المهاجمين الذين قد يتمكنون من اجتياز الباب الأمامي وتعطيلهم على إغلاق الباب الخلفي … وعلى جنبات كل مدخل أمامي نجد أقواسا تحصر فراغات مرتفعة بحوالي 80 سم عن الأرض، مغطاة يستقر بها الحراس يتناولون طعامهم بل ويطبخون أحيانا وهو ما خلف غلافا سميكا من الدخان في سقفها. وقد كان يتم إغلاق هذه المنافذ خلال الليل بواسطة أبواب سميكة غلف بعضها بصفائح من الحديد حتى يتمكن من الصمود في وجه النيران …
الدور الجبائي: في فترات السلم كانت المدينة تتحول إلى قبلة للتجار الوافدين سواء من القبائل السوسية، حيث كانت عاصمة سوس ومتجمع قبائله أو من المدن وآفاق البعيدة كمراكش وفاس وبلاد السودان، وكانت هندسة الأبواب التي ترغم القوافل على المرور ببابين متواليين تمكن من ضبط مستخلص الجبايات كما كانت الرحبات تتحول إلى مستودعات لتجميع البضائع والمواد التي تدفع كضرائب عينية لتعشير التجارة الداخلة نحو المدينة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
Bienvenue sur le blogueur شمال افريقيا. Merci de votre visite et n'oubliez pas de noter les sujets par un commentaire